كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


8337 - ‏(‏من أحسن الصلاة حيث يراه الناس ثم أساءها حيث يخلو‏)‏ بنفسه بأن يكون أداؤه لها في الملأ بنحو طول القنوت وإتمام الأركان وطول السجود والتخشع والتأدب وأداؤه إياها في السر بدون ذلك أو بعضه ‏(‏فتلك‏)‏ الخصلة أو الفعلة ‏(‏استهانة استهان بها ربه‏)‏ تعالى أي ذلك الفعل يشبه فعل المستهين به فإن قصد الاستهانة به كفر ومثل الصلاة في ذلك غيرها من العبادات قال ابن العربي‏:‏ وهذا من أصعب الأمراض النفسية التي يجب التداوي لها ودواؤه أن يستحضر قوله تعالى ‏{‏ألم يعلم بأن اللّه يرى‏}‏، ‏{‏يعلم سركم وجهركم‏}‏، ‏{‏واللّه أحق أن تخشاه‏}‏ ونحو ذلك من الآيات القرآنية ‏{‏ما فرطنا في الكتاب من شيء‏}‏‏.‏

- ‏(‏عب ع هب عن ابن مسعود‏)‏ قال في المهذب مستدركاً على البيهقي‏:‏ قلت فيه إبراهيم الهجري ضعيف‏.‏

8338 - ‏(‏من أحسن في الإسلام‏)‏ بالإخلاص فيه أو بالدخول فيه بالظاهر والباطن أو بالتمادي على محافظته والقيام بشرائطه والانقياد لأحكامه بقلبه وقالبه أو بثبوته عليه إلى الموت ‏(‏لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية‏)‏ أي في زمن الفترة قبل البعثة من جنايته على نفس أو مال ‏{‏قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف‏}‏ ولا يعارضه ‏{‏ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره‏}‏ لأن معناه استحقاق الشر بالعقوبة ومن أحسن في إسلامه غفر له ما يستحقه من العذاب ‏(‏ومن أساء في الإسلام‏)‏ بعدم الإخلاص أو في عقده بترك التوحيد ومات على ذلك أو بعد الدخول فيه بالقلب والانقياد ظاهراً وهو النفاق ‏(‏أخذ بالأول‏)‏ الذي عمله في الجاهلية ‏(‏والآخر‏)‏ بكسر الخاء الذي عمله في الكفر فالمراد بالإساءة الكفر وهو غاية الإساءة فإذا ارتد ومات مرتداً كان كمن لم يسلم فيعاقب على كل ما تقدم‏.‏

- ‏(‏حم ق ه عن ابن مسعود‏)‏ قال النبي صلى اللّه عليه وسلم ذلك لمن سأله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية‏؟‏ فذكره‏.‏

8339 - ‏(‏من أحسن فيما بينه وبين اللّه كفاه اللّه ما بينه وبين الناس‏)‏ لأنهم لا يقدرون على فعل شيء حتى يقدرهم اللّه عليه ‏[‏ص 38‏]‏ ولا يريدون شيئاً حتى يريده اللّه ‏(‏ومن أصلح سريرته أصلح اللّه علانيته‏)‏ ظاهره أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الحاكم ومن عمل لآخرته كفاه اللّه عز وجل دنياه اهـ بحروفه، وبين بهذا الحديث أن صلاح حال العبد وسعادته وفلاحه واستقامة أمره مع الخلق إنما هو في رضا الحق فمن لم يحسن معاملته معه سراً واعتمد على المخلوق وتوكل عليه انعكس عليه مقصوده وحصل له الخذلان والذم واختلاف الأمر وفساد الحال فالمخلوق لا يقصد نفعك بالقصد الأول بل انتفاعك به واللّه تعالى يريد نفعك لا انتفاعه بك، وإرادة المخلوق نفعك قد يكون فيها مضرة عليك وملاحظة هذا الحديث يمنعك أن ترجو المخلوق أو تعامله دون اللّه أو تطلب منه نفعاً أو دفعاً أو تعلق قلبك به والسعيد من عامل الخلق للّه لا لهم وأحسن إليهم للّه وخاف اللّه فيهم ولم يخفهم مع اللّه ورجا اللّه بالإحسان إليهم وأحبهم لحب اللّه ولم يحبهم مع اللّه‏.‏

- ‏(‏ك في تاريخه‏)‏ تاريخ نيسابور ‏(‏عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‏.‏

8340 - ‏(‏من أحسن منكم أن يتكلم بالعربية فلا يتكلمن بالفارسية‏)‏ يحتمل أن يلحق بها غيرها من اللغات بقرينة ما يأتي ويحتمل خلافه ‏(‏فإنه‏)‏ أي المتكلم بالفارسية أو التكلم بغير العربية ‏(‏يورث النفاق‏)‏ أراد النفاق العملي لا الإيماني أو الإنذار والتخويف والتحذير من الاعتياد والاطراد والتمادي بحيث يهجر اللسان العربي بل قد يقال الحديث على بابه وظاهره أن اللّه لما أنزل كتابه باللسان العربي وجعل رسوله مبلغاً عنه الكتاب والحكمة به وجعل السابقين إلى هذا الدين متكلمين به لم يكن سبيل إلى ضبط الدين ومعرفته إلا بضبط هذا اللسان فصارت معرفته من الإيمان وصار اعتياد المتكلم به أعون على معرفة دين اللّه وأقرب إلى إقامة شعار الإسلام فلذلك صار دوام تركه جاراً إلى النفاق واللسان بقارنه أمور أخرى من العلوم والأخلاق لأن العادات لها تأثير عظيم فيما يحبه اللّه أو فيما يبغضه، هذا هو الوجه في توجيه الحديث، وقد روى السلفي بسنده عن ابن عبد الحكم أن الشافعي كره للقادر النطق بالعجمية من غير أن يحرمه قال المجد ابن تيمية‏:‏ وقد كان السلف يتكلمون بالكلمة بعد الكلمة من العجمية أما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة ويهجر العربية فهو موضوع النهي مع أن اعتياد اللغة يورث في الخلق والدين والعقل تأثيراً بيناً ونفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب فإن فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ من طريق عمرو بن هارون عن أسامة بن زيد الليثي عن نافع ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب، قال الحاكم‏:‏ صحيح فتعقبه الذهبي بأن عمرو بن هارون أحد رجاله كذبه ابن معين وتركه الجماعة، هذه عبارته‏.‏ فكان ينبغي للمصنف حذفه، وليته إذ ذكره بين حاله‏.‏

8341 - ‏(‏من أحسن الرمي بالسهام‏)‏ أي القسي ‏(‏ثم تركه فقد ترك نعمة من النعم‏)‏ الجليلة العظيمة التي أنعم اللّه عليه بها‏.‏

- ‏(‏القرّاب‏)‏ بفتح القاف وشد الراء وبعد الألف موحدة تحتية نسبة لعمل القرب ‏(‏في‏)‏ كتاب ‏(‏الرمي عن يحيى بن سعيد مرسلاً‏)‏ هو ابن سعيد بن العاص الأموي‏.‏

8342 - ‏(‏من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة‏)‏ وهي ‏(‏ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر‏)‏ أي ليلة عيد الفطر وليلة عيد النحر، قال الشافعي‏:‏ بلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليال‏:‏ أول ليلة من رجب وليلة نصف شعبان وليلتي ‏[‏ص 39‏]‏ العيد وليلة الجمعة‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن معاذ‏)‏ بن جبل، قال ابن حجر في تخريج الأذكار‏:‏ حديث غريب وعبد الرحيم ابن زيد العمي أحد رواته متروك اهـ‏.‏ وسبقه ابن الجوزي فقال‏:‏ حديث لا يصح وعبد الرحيم قال يحيى‏:‏ كذاب والنسائي‏:‏ متروك‏.‏

8343 - ‏(‏من أحيا‏)‏ وفي رواية من قام ‏(‏ليلة‏)‏ عيد ‏(‏الفطر وليلة الأضحى‏)‏ وفي رواية بدله ليلتي العيد ‏(‏لم يمت قلبه يوم تموت القلوب‏)‏ أي قلوب الجهال وأهل الفسق والضلال‏.‏ فإن قلت المؤمن الكامل لا يموت قلبه كما قال حجة الإسلام وعلمه عند الموت لا ينمحي وصفاؤه لا يتكدر كما أشار إليه الحسن بقوله‏:‏ التراب لا يأكل محل الإيمان، والمراد هنا من القلب اللطيفة الصالحة المدركة من الإنسان لا اللحم الصنوبري كما مر، قال في الأذكار‏:‏ يستحب إحياء ليلتي العيد بالذكر والصلاة وغيرهما فإنه وإن كان ضعيفاً لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها قال‏:‏ والظاهر أنه لا يحصل الإحياء إلا بمعظم الليل‏.‏

- ‏(‏طب عن عبادة‏)‏ بن الصامت، قال الهيثمي‏:‏ فيه عمر بن هارون البجلي والغالب عليه الضعف وأثنى عليه ابن مهدي لكن ضعفه جمع كثيرون وقال ابن حجر‏:‏ حديث مضطرب الإسناد وفيه عمر بن هارون ضعيف وقد خولف في صحابيه وفي رفعه ورواه الحسن بن سفيان عن عبادة أيضاً وفيه بشر بن رافع متهم بالوضع وأخرجه ابن ماجه من حديث بقية عن أبي أمامة بلفظ من قام ليلتي العيد للّه محتسباً لم يمت قلبه حين تموت القلوب وبقية صدوق لكن كثير التدليس وقد رواه بالعنعنة ورواه ابن شاهين بسند فيه ضعيف ومجهول‏.‏

8344 - ‏(‏من أحيا أرضاً ميتة‏)‏ بالتشديد‏.‏ قال العراقي‏:‏ لا التخفيف لأنه إذا خفف حذف منه تاء التأنيث والميتة والموات أرض لم تعمر قط ولا هي حريم لمعمور‏.‏ قال القاضي‏:‏ الأرض الميتة الخراب التي لا عمارة بها وإحياؤها عمارتها شبهت عمارة الأرض بحياة الأبدان وتعطلها وخلوها عن العمارة بفقد الحياة وزوالها عنها ‏(‏فله فيها أجر‏)‏ قال القاضي‏:‏ ترتب الملك على مجرد الإحياء وإثباته لمن أحيا على العموم دليل على أن مجرد الإحياء كاف في التمكن ولا يشترط فيه إذن السلطان، وقال أبو حنيفة‏:‏ لا بد منه ‏(‏وما أكلت العافية‏)‏ أي كل طالب رزق آدمياً أو غيره ‏(‏منها فهو له صدقة‏)‏ استدل به ابن حبان على أن الذمي لا يملك الموات لأن الأجر ليس إلا للمسلم وتعقبه المحب الطبري بأن الكافر يتصدق ويجازى به في الدنيا قال ابن حجر‏:‏ والأول أقرب للصواب وهو قضية الخبر إذا إطلاق الأجر إنما يراد به الأخروي‏.‏

- ‏(‏حم ن‏)‏ في الإحياء ‏(‏عب والضياء‏)‏ المقدسي كلهم من حديث عبيد اللّه بن عبد الرحمن ‏(‏عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه وصرح ابن حبان بسماع هشام بن عروة منه وسماعه من جابر‏.‏

8345 - ‏(‏من أحيا أرضاً ميتة‏)‏ أي لا مالك لها يقال أحيا الأرض يحييها إحياءاً إذا أنشأ فيها أثراً، وهذا يدل على أنه اختص بها تشبيهاً للعمارة في الأرض الموات بإحياء حيوان ميت والأرض الميتة والموات التي لا عمارة فيها ولا أثر عمارة فهي على أصل الخلقة وإحياؤها إلحاقها بالعامر المملوك ‏(‏فهي له‏)‏ أي يملكها بمجرد الإحياء وإن لم يأذن الإمام عند الشافعي حملاً للخبر على التصرف بالفتيا لأنه أغلب تصرفات النبي صلى اللّه عليه وسلم وحمله أبو حنيفة على التصرف بالإمامة العظمى فشرط إذن الإمام وخالفه صاحباه ‏(‏وليس لعرق‏)‏ بكسر العين وسكون الراء ‏(‏ظالم حق‏)‏ بإضافة عرق إلى ظالم فهو صفة لمحذوف تقديره لعرق رجل ظالم والعرق أحد عروق الشجر أي ليس لعرق من عروق ما غرس بغير حق بأن غرس في ملك الغير بغير إذن معتبر حق وروي مقطوعاً عن الإضافة بجعل الظلم صفة للعرق نفسه على سبيل الاتساع كأن العرق بغرسه صار ظالماً حتى كأن الفعل له‏.‏ قال ابن حجر‏:‏ وغلط الخطابي من رواه بالإضافة وقال ‏[‏ص 40‏]‏ ابن شعبان في الزاهر‏:‏ العروق أربعة عرقان ظاهران وعرقان باطنان فالظاهران البناء والغراس والباطنان الآبار والعيون‏.‏

- ‏(‏حم د‏)‏ في الخراج ‏(‏ت‏)‏ في الأحكام وكذا النسائي في الإحياء خلافاً لما يوهمه صنع المصنف من تفرد ذينك به من بين الستة ‏(‏والضياء‏)‏ في المختارة ‏(‏عن سعيد بن زيد‏)‏ ورواه عنه أيضاً البيهقي في البيع قال الترمذي‏:‏ حسن غريب‏.‏

8346 - ‏(‏من أحيا سنني‏)‏ بصيغة الجمع عند جمع لكن الأشهر الإفراد ‏(‏فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة‏)‏ وإحياؤها إظهارها بعمله بها والحث عليها فشبه إظهارها بعد ترك الأخذ بها بالإحياء ثم اشتق منه الفعل فجرت الاستعارة في المصدر أصلية ثم سرت إلى الفعل تبعاً ومن ثم قالوا‏:‏ السنة كسفينة نوح واتباع السنة يدفع البلاء عن أهل الأرض والسنة إنما سنها لما علم في خلافها من الخطأ والزلل والتعمق ولو لم يكن إلا أن اللّه سبحانه وملائكته وحملة عرشه يستغفرون لمن اتبعها لكفى ويكفي في متبعها أنه يسير رويداً ويجيء أول الناس كما قيل‏:‏

من لي يمثل سيرك المدلل * تمشي رويدا وتجى في الأول

وفي رواية أحياني بدل أحبني فيهما‏.‏

- ‏(‏السجزي عن أنس‏)‏ بن مالك وفيه خالد بن أنس قال في الميزان‏:‏ لا يعرف وحديثه منكر جداً ثم ساق هذا الخبر وأعاده في محل آخر وقال‏:‏ خالد بن أنس لا يعرف حاله وحديثه منكر جداً ثم ساق هذا بحروفه ثم قال‏:‏ ورواه بقية عن عاصم بن سعد وهو مجهول عنه قال في اللسان‏:‏ وهذا الرجل ذكره العقيلي في الضعفاء وذكر له هذا الحديث وقال‏:‏ لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به والراوي عنه عاصم مجهول وفي الباب أحاديث بأسانيد لينة وقد يكرر الذهبي ترجمة الرجل من كلام بعض من تقدم ولا ينسبه لقائله فيوهم أنه من تصرفه وليس بجيد فإن النفس لكلام المتقدمين أميل‏.‏ إلى هنا كلامه‏.‏

8347 - ‏(‏من أخاف أهل المدينة‏)‏ النبوية ‏(‏أخافه اللّه‏)‏ زاد في رواية يوم القيامة، وزاد أحمد في روايته وعليه لعنة اللّه وغضبه إلى يوم القيامة لا يقبل منه صرف ولا عدل اهـ بنصه، وفيه تحذير من إيذاء أهل المدينة أو بغضهم‏.‏ قال المجدّ اللغوي‏:‏ يتعين محبة أهل المدينة وسكانها وقطانها وجيرانها وتعظيمهم سيما العلماء والشرفاء وخدمة الحجرة النبوية وغيرهم من الخدمة كل على حسب حاله وقرابته وقربه من المصطفي صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم فإنه قد ثبت لهم حق الجوار، وإن عظمت إساءتهم فلا يسلب عنهم، وهذا الحديث رواه الطبراني في الكبير وزاد على ذلك بسند حسن ولفظه من أخاف أهل المدينة أخافه اللّه يوم القيامة ولعنه اللّه وغضب عليه ولم يقبل منه صرفاً ولا عدلاً‏.‏

- ‏(‏حب عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه، سببه أن أميراً من أمراء الفتنة قدم المدينة وكان ذهب بصر جابر فقيل لجابر‏:‏ لو تنحيت عنه فخرج يمشي بين أبنية فنكب فقال‏:‏ تعس من أخاف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال ابناه‏:‏ كيف وقد مات قال‏:‏ سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكره قال السمهودي‏:‏ يسير بن أرطأة أرسله معاوية بعد تحكيم الحكمين في جيش إلى المدينة فعاث فأفسد‏.‏

8348 - ‏(‏من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبي‏)‏ هذا لم يرد نظيره لبقعة سواها وهو مما تمسك به من فضلها على مكة ومما فضلت به أيضاً أنه لا يدخلها الدجال ولا الطاعون وإذا قدم الدجال المدينة ردّته الملائكة ورجفت ثلاث رجفات فيخرج إليه منها المنافقون‏.‏

- ‏(‏حم عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه قال الهيثمي‏:‏ فيه محمد بن حفص الرصافي ضعيف‏.‏

‏[‏ص 41‏]‏ 8349 - ‏(‏من أخاف مؤمناً بغير حق كان حقاً على اللّه أن لا يؤمنه من أفزاع يوم القيامة‏)‏ جزاء وفاقاً‏.‏

- ‏(‏طس عن ابن عمر‏)‏‏.‏

8350 - ‏(‏من أخذ السبع‏)‏ أي السور السبع الأول من القرآن كما في رواية أحمد وغيره ‏(‏فهو خير له‏)‏ أي من حفظها واتخذ قراءتها ورداً فذلك خير كثير يعني بذلك كثرة الثواب عند اللّه تعالى‏.‏

- ‏(‏ك هب عن عائشة‏)‏

8351 - ‏(‏من أخذ أموال الناس‏)‏ بوجه من وجوه التعامل أو للحفظ أو لغير ذلك كقرض أو غيره كما يشير إليه عدم تقييده بظلماً لكنه ‏(‏يريد أداءها‏)‏ الجملة حال من الضمير المستكن في أخذ ‏(‏أدى اللّه عنه‏)‏ جملة خبرية أي يسر اللّه له ذلك بإعانته وتوسيع رزقه ويصح كونها إنشائية معنى بأن يخرج مخرج الدعاء له ثم إن قصد بها الإخبار عن المبتدأ مع كونها إنشائية معنى يحتاج لتأويله بنحو يستحق وإلا لم يحتج فتكون الجملة معنى وإنما استحق مريد الأداء هذا الدعاء لجعله نية إسقاط الواجب مقارنة لأخذه وذا دليل على خوفه وظاهره أن من نوى الوفاء ومات قبله لعسر أو فجأة لا يأخذ رب العالمين من حسناته في الآخرة بل يرضى اللّه رب الدين وخالف ابن عبد السلام ‏(‏ومن أخذها‏)‏ أي أموالهم ‏(‏يريد إتلافها‏)‏ على أصحابها بصدقة أو غيرها ‏(‏أتلفه اللّه‏)‏ يعني أتلف أمواله في الدنيا بكثرة المحن والمغارم والمصائب ومحق البركة‏.‏ وعبر بأتلفه لأن إتلاف المال كإتلاف النفس أو في الآخرة بالعذاب وهذا وعيد شديد يشمل من أخذه ديناً وتصدق به ولا يجد وفاء فترد صدقته لأن الصدقة تطوع وقضاء الدين واجب، واستدل البخاري على ردّ صدقة المديان بنهي النبي صلى اللّه عليه وسلم عن إضاعة المال قال الزين زكريا‏:‏ ولا يقال الصدقة ليست إضاعة لأنا نقول إذا عورضت بحق الدين لم يبق فيها ثواب فبطل كونها صدقة وبقيت إضاعة‏.‏

- ‏(‏حم خ‏)‏ في الاستقراض ‏(‏ه‏)‏ في الأحكام ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ولم يخرجه مسلم‏.‏

8352 - ‏(‏من أخذ من الأرض شيئاً‏)‏ قلّ أو كثر ‏(‏ظلماً‏)‏ هو وضع الشيء في غير محله‏.‏ نصبه على أنه مفعول له أو تمييز أو حال ‏(‏جاء يوم القيامة يحمل ترابها‏)‏ أي الحصة المغصوبة ‏(‏إلى المحشر‏)‏ أي يكلف نقل ما ظلم به إلى أرض المحشر وهو استعارة لأن ترابها لا يعود إلى المحشر لفنائها واضمحلالها بالتبديل والحشر يقع على أرض بيضاء عفراء كما في الخبر وهذا إنشاء معنى دعاء عليه أو إخبار وكذا فيما يأتي وفيه تحريم الظلم وتغليظ عقوبته وإمكان غصب الأرض وأنه من الكبائر وأن من ملك أرضاً ملك سفلها إلى منتهى الأرض وله منع غيره من حفر سرداب أو بئر تحتها وأن من ملك ظاهر الأرض ملك باطنها وغير ذلك‏.‏

- ‏(‏حم طب عن يعلى بن مرة‏)‏ رمز لحسنه، قال الهيثمي‏:‏ وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف وقد وثق‏.‏

8353 - ‏(‏من أخذ من الأرض شيئاً بغير حقه خسف به‏)‏ أي هوى به إلى أسفلها، أي بالأخذ غصباً لتلك الأرض المغصوبة والباء للتعدية والجملة إخبار ويحتمل كونها إنشاء معنى على ما تقرر ‏(‏يوم القيامة‏)‏ بأن يجعل كالطوق في عنقه على وزن ‏[‏ص 42‏]‏ ‏{‏سيطوقون ما بخلوا به‏}‏ ويعظم عنقه ليسع أو يطوق إثم ذلك ويلزمه لزوم الطوق أو يكلف الظالم جعله طوقاً ولا يستطيع فيعذب بذلك فهو تكليف تعجيز للإيذاء لا تكليف ابتداء للجزاء ومثله غير عزيز كتكليف المصور نفخ الروح فيما صوره فمن اعترضه بأن القيامة ليست بزمن تكليف لم يتأمل أو أن هذه الصفات تتنوع لصاحب هذه الجناية بحسب قوة هذه المفسدة وضعفها فيعذب بعضهم بهذا وبعضهم بهذا ‏(‏إلى سبع أرضين‏)‏ بفتح الراء وتسكن وأخطأ من زعم أن المراد سبعة أقاليم إذ لا اتجاه لتحمل شبر لم يأخذه ظلماً بخلاف طباق الأرض فإنها تابعة ملكاً وغصباً وفيه حجة للشافعي أن العقار يغصب وردّ على أبي حنيفة ومن ثم وافق الشافعي أحمد وتغليظ عقوبة الغصب وأنه كبيرة وغير ذلك‏.‏

- ‏(‏خ عن ابن عمر‏)‏‏.‏

8354 - ‏(‏من أخذ من طريق المسلمين شيئاً جاء به يوم القيامة يحمله‏)‏ وفي رواية طوقه أي جعل له كالطوق أو هو طوق تكليف لا طوق تقليد على ما تقرر فيما قبله ‏(‏من سبع أرضين‏)‏ فيه كالذي قبله أن الأرض في الآخرة سبع طباق أيضاً كالسماوات لكن لا دلالة في أية ‏{‏ومن الأرض مثلهن‏}‏ على ذلك كما ادعاه البعض لاحتمال المماثلة في الهيئة‏.‏

- ‏(‏طب والضياء‏)‏ المقدسي ‏(‏عن الحكم بن الحارث‏)‏ السلمي، قال الذهبي‏:‏ له صحبة وغزا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم، قال ابن حجر‏:‏ وإسناده حسن، وقال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني‏:‏ فيه محمد بن عقبة السدنسي وثقه ابن حبان وضعفه أبو حاتم وتركه أبو زرعة‏.‏

8355 - ‏(‏من أخذ على تعليم القرآن قوساً قلده اللّه مكانها قوساً من نار جهنم يوم القيامة‏)‏ قاله لمعلم أهدى له قوس فقال‏:‏ هذه غير مال فأرمى به في سبيل اللّه، وأخذ بظاهره أبو حنيفة فحرم أخذ الأجرة عليه وخالفه الباقون قائلين الخبر بفرض صحته منسوخ أو مؤوّل بأنه كان يحتسب التعليم‏.‏ نعم الأولى كما قاله الغزالي الإقتداء بصاحب الشرع فلا يطلب على إفاضة العلم أجراً ولا يقصد جزاءاً ولا شكوراً بل يعلم للّه‏.‏

- ‏(‏حل هق عن أبي الدرداء‏)‏ ثم قال أعني البيهقي‏:‏ ضعيف، وقال الدارمي‏:‏ قال دحيم لا أصل له قال الذهبي‏:‏ وإسناده قوي مع نكارته‏.‏

8356 - ‏(‏من أخذ على‏)‏ تعليم ‏(‏القرآن أجراً فذلك حظه من القرآن‏)‏ أي فلا ثواب له على إقرائه وتعليمه قال ابن حجر‏:‏ يعارضه وما قبله خبر أبي سعيد في قصة اللديغ ورقيهم إياه بالفاتحة وكانوا امتنعوا حتى جعلوا لهم جعلاً وصوَّب النبي صلى اللّه عليه وسلم فعلهم، وخبر البخاري إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب اللّه، وفيه إشعار بنسخ الحكم الأول اهـ‏.‏

- ‏(‏حل عن أبي هريرة‏)‏ رضي اللّه عنه وفيه إسحاق بن العنبر قال الذهبي في الضعفاء‏:‏ كذاب اهـ، فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب‏.‏

8357 - ‏(‏من أخذ بسنتي فهو مني‏)‏ أي من أشياعي أو أهل ملتي من قولهم فلان مني كأنه بعضه متحد به ‏(‏ومن رغب عن سنتي‏)‏ أي تركها ومال عنها استهانة وزهداً فيها لا كسلاً وتهاوناً ذكره القاضي ‏(‏فليس مني‏)‏ أي ليس على منهاجي ‏[‏ص 43‏]‏ وطريقتي أو ليس بمتصل بي أو ليس من أتباعي وأشياعي على ما مر‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب، قال ابن الجوزي‏:‏ حديث لا يصح فيه جويبر قال يحيى‏:‏ ليس بشيء وطلحة بن السماح لا يعرف‏.‏

8358 - ‏(‏من أخرج أذى من المسجد‏)‏ نجس أو طاهر كدم وزرق طير ومخاط وبصاق وتراب وحجر وقمامة ونحوها من كل ما يقذره ‏(‏بنى اللّه له بيتاً في الجنة‏)‏ وفي بعض الروايات إن ذلك مهور الحور العين‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي سعيد‏)‏ الخدري، وفيه عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون قال في الكاشف‏:‏ ضعفه أبو داود‏.‏

8359 - ‏(‏من أخرج من طريق المسلمين شيئاً يؤذيهم‏)‏ كشوك وحجر وقذر ‏(‏كتب اللّه له به حسنة ومن كتب له عنده حسنة أدخله بها الجنة‏)‏ تفضلاً منه وكرماً‏.‏

- ‏(‏طس عن أبي الدرداء‏)‏ اعلم أن تخريج المصنف غير محرر فإن الطبراني رواه في الأوسط عن أبي الدرداء بغير اللفظ المذكور ورواه في الكبير عن معاذ بغير لفظه أيضاً وليس ما عزاه المصنف له موافقاً لواحد منهما، فأما لفظ رواية أبي الدرداء فنصه من أخرج من طريق المسلمين شيئاً يؤذيهم كتب اللّه له مئة حسنة ولم يزد قال الهيثمي‏:‏ وفيه أبو بكر بن أبي مريم ضعيف، ولفظ رواية معاذ من رفع حجراً كتب له حسنة ومن كان له حسنة دخل الجنة، قال الهيثمي‏:‏ ورجاله ثقات وهذا الحديث سيجيء في هذا الجامع‏.‏

8360 - ‏(‏من أخطأ خطيئة أو أذنب ذنباً ثم ندم‏)‏ على فعله ‏(‏فهو‏)‏ أي الندم ‏(‏كفارته‏)‏ لأن الندم توبة والتوبة إذا توفرت شروطها تجبُّ ما قبلها‏.‏

- ‏(‏طب هب عن ابن مسعود‏)‏ رمز لحسنه، وفيه الحسن بن صالح قال الذهبي‏:‏ ضعفه ابن حبان وأبو سعيد البقال أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ مختلف فيه‏.‏

8361 - ‏(‏من أخلص للّه‏)‏ لفظ رواية أبي نعيم من أخلص العبادة للّه ‏(‏أربعين يوماً‏)‏ بأن طهر بدنه من الأدناس والقاذورات وحواسه الباطنة والظاهرة من إطلاقها فيما لا يحتاج إليه من الإدراكات وأعضائه من إطلاقها في التصرفات الخارجة عن دائرة الاعتدال المعلومة من الموازين العقلية والأحكام الشرعية والنصائح النبوية والتنبيهات الحكيمة سيما اللسان وخياله في الاعتقادات الفاسدة والمذاهب الباطلة والتخيلات الرديئة وجولانه في ميدان الآمال والأماني وذهنه من الأفكار الرديئة والاستحضارات الغير الواقعة المعتد بها وعقله من التقييد ونتائج الأفكار فيما يختص بمعرفة الحق وما يصاحب فيضه المنبسط على الممكنات من غرائب الخواص والعلوم والأسرار وقلبه من التقلب التابع للتشعب بسبب التعلقات الموجبة لتوزيع الهم وتشتت العزمات ونفسه من أعراضها بل من عينها فإنه خمرة الآمال والأماني والتعشق بالأشياء مكثرة التشوفات المختلفة التي هي نتائج الأذهان والتخيلات وروحه من الحظوظ الشريفة المرجوة من الحق تعالى لمعرفته والقرب منه والاحتظاء بمشاهدته وسائر أنواع النعيم الروحاني المرغوب فيه والمستشرف بنور البصيرة عليه وحقيقة الإنسانية من تغيير صور ما يرد عليه من الحق عما كان عليه حال تعينه وارتسامه في علم الحق أزلاً ‏(‏ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه‏)‏ لأن المحافظة على الطهارة المعنوية ولزوم المجاهدة يوصل إلى حضرة المشاهدة، ألا تراه سبحانه يقول ‏{‏ومن الليل فتجهد به‏}‏، فإذا كان مقصود الوجود لا يصل إلى المقام المحمود إلا ‏[‏ص 44‏]‏ بالركوع والسجود فكيف يطمع في الوصول من لم يكن له محصول، ومن ثم قيل‏:‏ فجاهد تشاهد قال القونوي‏:‏ في هذا الحديث سر يجب التنبيه عليه وهو احتراز الإنسان أن يكون إخلاصه هذا طلباً لظهور ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه فإنه حينئذ لم يكن أخلص للّه‏.‏ وروى النووي بإسناده إلى السوسي من شهد في إخلاصه الإخلاص احتاج إخلاصه إلى إخلاص وروى أيضاً عن التستري من زهد في الدنيا أربعين يوماً مخلصاً في ذلك ظهرت له الكرامات ومن لم تظهر له فلعدم الصدق في زهده، وحكمة التقييد بالأربعين أنها مدة يصير المداومة على الشيء فيها خلقاً كالأصلي الغريزي كما مر‏.‏ وأخذ جمع من الصوفية منه أن خلوة المريد تكون أربعين يوماً واحتجوا بوجوه أخر أظهرها أنه سبحانه خمر طينة آدم أربعين صباحاً، وفي شرح الأحكام لعبد الحق‏:‏ هذا الحديث وإن لم يكن صحيح الإسناد فقد صححه الذوق الذي خصص به أهل العطاء والإمداد وفهم ذلك مستغلق إلا على أهل العلم الفتحي الذي طريقه الفيض الرباني بواسطة الإخلاص المحمدي‏.‏

- ‏(‏حل‏)‏ عن حبيب بن الحسن عن عباس بن يونس التكلي عن محمد بن يسار اليساري عن محمد بن إسماعيل عن يزيد بن يزيد الواسطي عن حجاج عن مكحول ‏(‏عن أبي أيوب‏)‏ الأنصاري أورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال‏:‏ يزيد بن يزيد عن عبد الرحمن الواسطي كثير الخطأ، وحجاج مجروح، ومحمد بن إسماعيل مجهول، ومكحول لم يصح سماعه من أبي أيوب اهـ‏.‏ وتعقبه المؤلف بأن الحافظ العراقي اقتصر في تخريج الإحياء على تضعيفه وهو تعقب لا يسمن ولا يغني من جوع‏.‏

8362 - ‏(‏من ادّان ديناً ينوي‏)‏ أي وهو ينوي كما جاء مصرحاً به في رواية صحيحة ‏(‏قضاءه أداه اللّه عنه يوم القيامة‏)‏ بأن يرضي خصماءه، وقال الغزالي‏:‏ الشأن في صحة النية فهي معدن غرور الجهال ومزلة أقدام الرجال‏.‏

- ‏(‏طب عن ميمون‏)‏ الكردي عن أبيه، قال الهيثمي‏:‏ رجاله ثقات ومن ثم رمز المصنف لصحته‏.‏

8363 - ‏(‏من أدى إلى أمتي حديثاً لتقام به سنة أو تثلم به بدعة فهو في الجنة‏)‏ أي سيكون فيها أي يحكم له بدخولها ولفظ رواية أبي نعيم فله الجنة‏.‏

- ‏(‏حل عن ابن عباس‏)‏ وفيه عبد الرحمن بن حبيب أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ متهم بالوضع وإسماعيل بن يحيى التيمي قال أعني الذهبي‏:‏ كذاب عدم‏.‏

8364 - ‏(‏من أدى زكاة ماله فقد أدى الحق الذي عليه ومن زاد فهو أفضل‏)‏ قال بعضهم‏:‏ الأداء تسليم عن الثابت في الذمة بسبب الموجب كالوقت للصلاة والمال للزكاة والشهر للصوم إلى من يستحق ذلك الواجب‏.‏

- ‏(‏هق عن الحسن مرسلاً‏)‏ وهو البصري وورد بمعناه مسنداً من حديث جابر عند الطبراني وغيره قال الهيثمي‏:‏ وسنده حسن بلفظ من أدى زكاة ماله فقد أذهب عنه شره‏.‏

8365 - ‏(‏من أدرك ركعة‏)‏ أي ركوع ركعة وفي رواية سجدة بدل ركعة والمراد منها الركعة، قال ابن الكمال‏:‏ والإدراك إحاطة الشيء بكماله ‏(‏من الصلاة‏)‏ المكتوبة ‏(‏فقد أدرك الصلاة‏)‏ يعني من أدرك ركعة من الصلاة في الوقت وباقيها خارجه فقد أدرك الصلاة، أي أداءاً، خلافاً لأبي حنيفة حيث حكم بالبطلان في الصبح والعصر لدخول وقت النهي، وقد روى الشيخان أيضاً من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح أي أداءاً، أما لو أدرك دونها فإنها تكون ‏[‏ص 45‏]‏ قضاء، والفرق أن الركعة تشتمل على معظم أفعال الصلاة إذ معظم الباقي كالتكرير لها فجعل ما بعد الوقت تابعاً لها بخلاف ما دونها، هذا هو الصحيح عند الشافعية، وقيل‏:‏ تكون قضاء مطلقاً، وقيل‏:‏ ما وقع بعدها قضاء وما قبله أداء‏.‏

- ‏(‏ق 4‏)‏ في الصلاة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

8366 - ‏(‏من أدرك من الجمعة ركعة فليصل‏)‏ بضم الياء وفتح الصاد وشد اللام ‏(‏إليها أخرى‏)‏ زاد أبو نعيم في روايته ومن أدركهم في التشهد صلى أربعاً اهـ‏.‏

- ‏(‏ه ك‏)‏ في الجمعة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي في التلخيص وتعقبه في غيره بأنه ورد من طريقين في أحدهما عبد الرزاق بن عمرو واه، وفي الأخرى إبراهيم بن عطية واه‏.‏

8367 - ‏(‏من أدرك عرفة‏)‏ أي الوقوف بها ‏(‏قبل طلوع الفجر‏)‏ ليلة النحر ‏(‏فقد أدرك الحج‏)‏ أي معظمه، لأن الوقوف معظم أعماله وأشرفها فإدراكه كإدراكه، ولأن الوقوف بها ضيق الوقت يفوت بفوته الحج في تلك السنة بخلاف بقية الأركان، ووقت الوقوف من زوال عرفة إلى فجر النحر، وخصوا الليلة بالذكر لأنها الواقعة في محل النظر والاشتباه‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ رمز لحسنه، قال الهيثمي‏:‏ وفيه عمرو بن قيس المكي وهو ضعيف متروك اهـ ورواه الشافعي في مسنده عن ابن عمر‏.‏

8368 - ‏(‏من أدرك رمضان وعليه من رمضان‏)‏ أي من صومه ‏(‏شيء‏)‏ والحال أنه ‏(‏لم يقضه‏)‏ قبل مجيء مثله ‏(‏فإنه لا يقبل منه حتى يصومه‏)‏‏.‏

- ‏(‏حم عن أبي هريرة‏)‏ رمز لحسنه، قال الهيثمي‏:‏ فيه ابن لهيعة وبقية رجاله رجال الصحيح وأعاد في موضع آخر وقال‏:‏ حديث حسن‏.‏

8369 - ‏(‏من أدرك الأذان في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجته وهو لا يريد الرجعة‏)‏ إلى المسجد ليصلي مع الجماعة ‏(‏فهو منافق‏)‏ أي يكون دلالة على نفاقه وفعله يشبه فعله المنافقين‏.‏

- ‏(‏ه عن عثمان‏)‏ بن عفان، رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد جزم الحافظ ابن حجر في تخريج الهداية بضعفه وسبقه إليه المنذري وغيره، وسببه أن فيه عبد الجبار ضعفه أبو زرعة وغيره وقال البخاري‏:‏ له مناكير وحرملة بن يحيى قال أبو حاتم‏:‏ لا يحتج به‏.‏

8370 - ‏(‏من ادعى‏)‏ أي انتسب ‏(‏إلى غير أبيه‏)‏ قال الأكمل‏:‏ عدى ادعى بإلى لتضمنه معنى انتسب ‏(‏وهو‏)‏ أي والحال أنه ‏(‏يعلم‏)‏ أنه غير أبيه وليس المراد بالعلم هنا حكم الذهن الحازم ولا الصفة التي توجب تمييزاً لا يحتمل النقيض لعدم قصورها هنا إلا بطريق الكشف بل الظن الغالب ‏(‏فالجنة عليه حرام‏)‏ أي ممنوعة قبل العقوبة إن شاء عاقبه أو مع السابقين الأولين أو إن استحل لأن تحريم الحلال الذي لم تتطرقه تأويلات المجتهدين كفر وهو سيستلزم تحريم الجنة أو حرمت عليه جنة معينة كجنة عدن والفردوس أو ورد على التغليظ والتخويف أو أن هذا جزاؤه وقد يعفى عنه أو كان ذلك شرع من مضى أن أهل الكبائر يكفرون بها أو غير ذلك‏.‏

- ‏(‏حم ق د ه عن سعد‏)‏ بن أبي وقاص ‏(‏وأبي بكر‏)‏ قال‏:‏ كلاهما سمعته أذناي ووعاه قلبي من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وفي رواية لمسلم أيضاً من حديث ‏[‏ص 46‏]‏ أبي عثمان لما ادعى زيادة أنه ابن أبي سفيان لقيت أبا بكر فقلت له‏:‏ ما هذا الذي صنعتم‏؟‏ إني سمعت سعد بن وقاص يقول‏:‏ سمعت أذني من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو يقول‏:‏ من ادعى أباً في الإسلام غير أبيه يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام فقال أبو بكر‏:‏ أنا سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

8371 - ‏(‏من ادعى إلى غير أبيه‏)‏ أي من رغب عن أبيه والتحق بغيره تركاً للأدنى ورغبة في الأعلى أو خوفاً من الإقرار بنسبه أو تقرباً لغيره بالانتماء أو غير ذلك من الأغراض، وعدّاه بإلى لتضمنه معنى الانتساب وكذا فيما قبله ‏(‏أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة اللّه‏)‏ أي طرده عن درجة الأبرار ومقام الأخيار لا من رحمة الغفار ‏(‏المتتابعة‏)‏ أي المتمادية ‏(‏إلى يوم القيامة‏)‏ لمعارضته لحكمة اللّه في الانتساب والداعي إلى غير أبيه كأنه يقول خلقني اللّه من ماء فلان وإنما خلقه من غيره فقد كذب على اللّه فاستوجب الإبعاد، والمنتمي لغير المعتق قد كفر النعمة واستن العقوق وضيع الحقوق وهذا الوعيد الشديد يفيد أن كلاً منها كبيرة‏.‏

- ‏(‏د عن أنس‏)‏ بن مالك، وظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه الشيخان ولا أحدهما وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فقد خرجه الإمام مسلم عن علي مرفوعاً بلفظ من ادعى إلى غير أبيه أو تولى إلى غير مواليه فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين اهـ وهذا الخلف اليسير ليس بعذر في العدول عن الصحيح‏.‏

8372 - ‏(‏من ادعى ما ليس له‏)‏ من الحقوق ‏(‏فليس منا‏)‏ أي من العاملين بطريقتنا المتبعين لمنهاجنا ‏(‏وليتبوّأ مقعده من النار‏)‏ قال القاضي‏:‏ لا يحمل مثل هذا الوعيد في حق المؤمن على التأبيد‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي ذر‏)‏ قضية تصرف المصنف أنه لا يوجد مخرجاً في أحد الصحيحين وهو عجب مع وجوده في صحيح مسلم باللفظ المذكور عن أبي ذر‏.‏

8373 - ‏(‏من ادهن ولم يسم‏)‏ اللّه تعالى عند ادّهانه ‏(‏ادّهن معه ستون شيطاناً‏)‏ الظاهر أن المراد التكثير لا حقيقة العدد قياساً على نظائره السابقة واللاحقة، قال الغزالي‏:‏ قال أبو هريرة‏:‏ التقى شيطان المؤمن وشيطان الكافر فإذا شيطان الكافر سمين دهين وشيطان المؤمن هزيل أشعث عار فقال شيطان الكافر للآخر‏:‏ ما لك قال‏:‏ أنا مع رجل إذا أكل سمى فأظل جائعاً وإذا شرب سمى فأظل ظامئاً وإذا ادهن سمى فأظل شعثاً وإذا لبس سمى فأظل عرياناً فقال شيطان الكافر‏:‏ لكني مع رجل لا يفعل شيئاً من ذلك فأشركه في الكل‏.‏

- ‏(‏ابن السني في عمل يوم وليلة عن‏)‏ أبي عيسى ‏(‏دريد بن نافع القرشي‏)‏ الأموي مولاهم الشامي نزل مصر، مقبول، لكنه مدلس كما في التقرب ‏(‏مرسلاً‏)‏ قال الذهبي‏:‏ مصري مستقيم الحديث، وفي الفردوس هو مولى أبي أمية يروي عن الأزهري وغيره‏.‏